ان التاريخ هو المرآة التى نرى فيها مستقبلنا القريب والبعيد، ان التاريخ هو ذاكرة الأمة والبصلة التى تحركها، ومتى فقد الانسان بصلته رجع طفل صغير يتحسس الوصول ولا يعى ما يدور من حولة، لذلك كان من المهم بمكان ان ندرك ماضينا حتى يتسنى لنا استشراف مستقبلنا، ونسير على هدى ممن سبقونا، ونحن أمة ذات حضارة عظيمة علمت الدنيا العلوم المختلفة وتركت له إرث حضارى ضخم لازال الى وقتنا هذا هو المرجع الأضخم فى كل العلوم الانسانية، وما تأخرنا الا لأننا تركنا البصلة التى تحركنا وتوجهنا وبدانا ننظر الى من هم اقل مننا على انهم هم القدوة وتركنا تاريخنا وقدوتنا، وقد قال الله تعالى فى محكم التنزيل “فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”
لذلك فان التاريخ ليس قصص للتسلية ولكن للتفكر وللحكم على الاشياء وأخذ العبرة، ونحن سنبدأ فى التعمق ولو بالقليل فى تاريخنا وسوف نقدم بعض الأوراق من تاريخنا، لنعرف أين كنا والى اى مكان وصنا، وسوف نبدأ بالدولة الأموية التى استمرت لفترة طويلة وكان لها من الفضل الكثير وكما قال ابن خالدون“إن دولة معاوية وأخبارة كان ينبغى أن تلحق بدولة الخلفاء الراشدين واخبارهم فهى تاليهم فى الفضل والعدالة والتضحية” وقد روى البخارى ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم يم الذين يلونهم” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسب وتسلسل بنى أمية “شجرة العائلة”
بنو امية هم من بطون قريش وهم أول أسرة حاكمة فى الاسلام استمرت من 661 م الى 750 م أسسها الصحابى الجليل معاوية بن ابى سفيان، ونسب وتسلسل العائلة هو كما موضح بالسلسلة التالية، وهو مخطط من كتاب الدكتور راغب السرجانى التاريخ الاسلامى.
وقد حكم الدولة الأموية ثلاثة عشر حاكما ابتداءا من المؤسس معاوية بن ابى سفيان حتى حكم مروان بن محمد اخرهما ثم استكمل صقر قريش عبدالرحمن الداخل تأسيس الدولة الأموية فى الأندلس وحكام بنى أمية هم بالترتيب:
معاوية بن أبى سفيان بن حرب.
يزيد بن معاوية بن أبى سفيان.
معاوية بن يزيد بن معاوية.
مروان بن الحكم.
عبد الملك بن مروان.
الوليد بن عبد الملك.
سليمان بن عبد الملك.
عمر بن عبد العزيز.
يزيد بن عبد الملك.
هشام بن عبد الملك.
الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
يزيد بن وليد بن عبد الملك(يزيد الثالث)
مروان بن محمد بن مروان بن الحكم.
وقفة تاريخية مع خلفاء الدولة الأموية
ان الحديث يطول اذا اردنا أن نسرد تاريخ حكام بنى أمية كاملا، لكننا سوف نأخذ بعض وريقات من شجراتهم المثمرة، ونقف بعض الوقفات مع أخطائهم اثناء اجتهادهم فى الحكم.
أولا: معاوية بن أبى سفيان
يقول ابن تيمية فى منهاج السنة“لم يكن من ملوك الاسلام ملك خيرا من معاوية، وكانت سيرته مع رعيته من خيار سيرة الولاة، وقد كانت رعيته يحبونه”
أسس معاوية بن أبى سفيان الدولة الأموية كأول أسرة حاكمة فى الاسلام، امتد حكمة تسع عشرة سنة، من 41 هجريا حتى 60 هجريا، اما فى مناقب الصحابى فانه هو صاحب مشروع انشاء أسطول بحرى فى عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، تولى امرة دمشق فى عهد عمر بن الخطاب واستمر فيها فى عهد عثمان بن عفان.
عام 41 هجريا 661 م وبعد تنازل الحسن بن على للحكم لمعاوية بن سفيان.
أسس معاوية الدولة واتخذ من دمشق عاصمة لها.
فى عهده بلغ عدد الأساطيل البحرية فى الجيش الاسلامى 1700 أسطول.
وكانت أولى محاولات فتح القسطنطينية فى عهدة.
وأحدث نظام البريد فى الدولة الاسلامية للمرة الأولى.
ويأخذ على هذه الفترة أنه لأول مرة يورث الحكم فى الدولة الاسلامية بعد ان أوصى معاوية بالحكم لابنه يزيد، وقد قال بن خلدون فى ذلك”والذى دعا معاوية الى اثار ابنه هو مراعاة المصلحة فى اجتماع واتفاق أهوائهم”.
ثانيا: يزيد بن معاوية
استمرحكمه من 60 حتى 64 هجريا، تولى وعمره لم يتجاوز خمسة وثلاثين عاما، تم فى بداية حكمة مبايعة أهل الكوفة للحسين بن على حتى خرج لهم وحدثت مقتل الحسين فى كربلاء، وقد بدأ الخلاف بين ابناء معاوية و عبد الله بن الزبير اول مولود للمهاجرين فى المدينة بعد مقتل الحسين، حيث خلع عبد الله المبايعة ليزيد واعلن نفسه اميرا للمسلمين، وقد أرسل يزيد جيشا لحصار المدينة ثم حصار مكة وبها عبد الله بن الزبير لكن يزيد مات قبل ان يصل الجيش.
ثالثا:معاوية الثانى
عام 64 هجرية ولم يستمر وتنحى
رابعا:مروان بن الحكم
استطاع ان يفرض سيطرتة على الشام بعد ان دانت معظم الامصار الى عبد الله بن الزبير ثم توفى وبايع الناس ابنه عبد الملك بن مروان.
خامسا: عبد الملك بن مروان
هو المؤسس الحقيقى لمفهوم الدولة فى العصر الأموى، امتد الخلاف بين الأمويين وعبد الله بن الزبير حتى عام 71 هجريا، فى بداية حكمة حارب الزبيريين فى العراق حتى دانت له، ثم انتقل الى حصار عبد الله بن الزبير فى مكة بجيش كان فى قيادته الحجاج بن يوسف الثقفى، تم حصار مكة لفترة طويلة ثم ضربها بالمجانيق و قتل عبد الله بن الزبيروعلق جثته فى مدخل المدينة.
تولى الحجاج بن يوسف الثقفى بلاد العراقين فى عهد عبد الملك بن مروان وكان له اثر كبير فى مقاومة الثورات والقلاقل فى بلاد العراق وتم فى عهدة الكثير من الفتوحات فى شتى انحاء العالم.
وتم فى عهدة:
تعريب الدواوين لأول مرة.
استخدام عملة عربية للمرة الأولى.
أنشأ المدارس و نشر العلم.
تم فى عهدة تنقيط القرآن.
سادسا:الوليد بن عبد الملك
استمر حكم الوليد من العام الهجرى 86 الى 96 لعقد من الزمان قام خلاله باصلاحات عظيمة.
استكمل الفتوحات الاسلامية التى بدأها والدة فى شتى الاتجاهات ولكنه اوقف بعضها كالفتوحات فى الأندلس التى اوقفها خوفا على جنوده من الدخول فى بلاد جديدة لا يعرفونها.
جعل الحجاح يستكمل ما بدأه هو أخيه محمد بن يوسف الثقفى فى فتح بلاد السند.
بنى جامع دمشق (المسجد الأموى) واستكمل التوسعة فى الحرم ومسجد النبى.
سابعا: سليمان بن عبد الملك
أوصى الوليد بخلافة أخيه سليمان، فتولى من العام الهجرى 96 الى 99 قام من خلال تلك السنوات بعزل كل ولاة الحجاج الذى توفى فى العام 95 الهجرى، بل قام ولاته بالتنكيل بولاة الحجاج المعزولين، وقد كان سليمان من اكثر الناقمين على الحجاج أثناء ولايتة للعراقين.
قام سليمان بتجهيز جيش ضخم لغزو القسطنطنية للمرة الثانية بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك.
من أفضل ما فعل سليمان بن عبد الملك هو ان أوصى بالخلافة من بعدة لعمر بن عبد العزيزبعد استشارة وزيرة الصادق رجاء بن حيوه، ولكى يتم الأمر خارج أولاد عبد الملك بدون صراع جعل كتابه كما يلى :“بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله سليمان بن عبد الملك لعمر بن عبد العزيز، انى قد وليته الخلافة من بعدى ومن بعده يزيد بن عبد الملك، فاسمعوا له وأطيعوه واتقوا الله ولا تختلفوافيطمع فيكم عدوكم” وختم الكتاب وامر بالمبايعة لما فى الكتاب.
ثامنا:عمر بن عبد العزيز
ان الحديث من خلال الأسطر البسيطة هنا عن عمر بن عبد العزيز، لهو من الظلم، فهو كما يلقب دائما بانه خامس الخلفاء الراشدين استمر فى الحكم فقط سنتان من 99 حتى 101 هجريا، استطاع من خلالهم بسط العدل بين الرعية حتى سار الناس يلقون بالقمح على رؤوس الجبال حتى لا يجوع طائر فى عهد عمر بن عبد العزيز، وهو حفيد الخليفة عمر بن الخطاب وقد قال فيما اخرجه الترمزى“ان من ولدى رجلا فى وجه شجان(علامة)يلى فيملأ الأرض عدلا” وصدق عمر فيما قال، ولأن الحديث يطول فسوف نأخذ سيرته منفصلة.
من 101 الى 105 هجريا كان كثير مجالسة العلماء، وكان يريد أن يسير على نهج عمربن عبد العزيز، قامت فى عهدة ثورة عظيمة فى العراق بقيادة يزيد بن المهلب، الا انه استطاع القضاء عليها.
عاشرا: هشام بن عبد الملك
تولى فى العام 105 هجريا واستمر عشرين عاما حت مات فى 125 هجريا، وقد كان يولى أهمية عظمى للفتوحات فى بلاد الروم بقيادة أخوته وأبناءه، وقد كان ديوانه والذى ينظم من خلاله الخراج (ميزانية الدولة) هو أفضل دواوين بنى أمية.
وبوفاتة انتهى حكم بنى أمية القوى، وبدات حركات الدولة العباسية فى الظهور.
بدأ سقوط الدولة فعليا بتولى الوليد بن يزيد ومن بعده يزيد بن الوليد والذان كانا يميلا للهو، ولم يستطيعو الحكم وبدات الدولة العباسية فى الظهور فى خرسان.
أخيرا: مروان بن محمد
من 127 الى 132 هجريا وقد استلم الحكم والدولة شديدا الضعف ، حاول الاصلاح وقضى على بعض الثورات الا ان قتل وتمت سيطرة الدولة العباسية على الحكم.